سورة الرعد - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الرعد)


        


قوله تعالى: {المر} قد ذكرنا في سورة البقرة جملةً من الكلام في معاني هذه الحروف. وقد روي عن ابن عباس في تفسير هذه الكلمة ثلاثة أقوال:
أحدها: أن معناها: أنا الله أعلم وأرى، رواه أبو الضحى عنه. والثاني: أنا الله أرى، رواه سعيد بن جبير عنه. والثالث: أنا الله الملِك الرحمن، رواه عطاء عنه.
قوله تعالى: {تلك آيات الكتاب} في {تلك} قولان، وفي {الكتاب} قولان قد تقدمت في أول يونس.
قوله تعالى: {والذي أُنزل إِليك من ربك الحق} يعني: القرآن وغيره من الوحي {ولكنَّ أكثر الناس لا يؤمنون} قال ابن عباس: يعني: أهل مكة. قال الزجاج: لما ذكر أنهم لا يؤمنون، عرَّف الدليل الذي يوجب التصديق بالخالق فقال: {الله الذي رفع السموات بغير عمد} قال أبو عبيدة: العَمَد: متحرك الحروف بالفتحة، وبعضهم يحركها بالضمة، لأنها جمع عمود، وهو القياس، لأن كل كلمة هجاؤها أربعة أحرف الثالث منها ألِف أو ياء أو واو، فجميعه مضموم الحروف، نحو رسول، والجمع: رسل، وحمار، والجمع: حُمُر، غير أنه قد جاءت أسامي استعملوا جميعها بالحركة والفتحة، نحو عمود، وأديم، وإِهاب، قالوا: أَدَم، وأَهَب. ومعنى {عمدٍ} سَوارٍ، ودعائم، وما يَعْمِد البناء. وقرأ أبو حيوة: {بغير عُمُد} بضم العين والميم.
وفي قوله: {ترونها} قولان:
أحدهما: أن هاء الكناية ترجع إِلى السموات، فالمعنى: ترونها بغير عَمَد، قاله أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال الحسن، وقتادة، والجمهور. وقال ابن الأنباري: {ترونها} خبر مستأنف، والمعنى: رفع السموات بلا دعامة تمسكها، ثم قال: {ترونها} أي: ماتشاهدون من هذا الأمر العظيم، يغنيكم عن إِقامة الدلائل عليه.
والثاني: أنها ترجع إِلى العَمَد، فالمعنى: إِنها بعمد لا ترونها، رواه عطاء، والضحاك عن ابن عباس، وقال: لها عَمَد على قاف، ولكنكم لا ترون العَمَد، وإِلى هذا القول ذهب مجاهد، وعكرمة، والأول أصح.
قوله تعالى: {وسخر الشمس والقمر} اي: ذلَّلهما لما يُراد منهما {كل يجري لأجل مسمى} أي: إِلى وقت معلوم، وهو فناء الدنيا. {يدبِّر الأمر} أي: يصرِّفه بحكمته. {يفصِّل الآيات} أي: يبيِّن الآيات التي تدل أنه قادر على البعث لكي توقنوا بذلك. وقرأ أبو رزين، وقتادة، والنخعي. {ندبِّر الأمر نفصِّل الآيات} بالنون فيهما.


قوله تعالى: {وهو الذي مَدَّ الأرض} قال ابن عباس: بسطها على الماء.
قوله تعالى: {وجعل فيها رواسي} قال الزجاج: أي جبالاً ثَوابِت، يقال: رسا الشيء يرسوا رُسُوّاً، فهو راسٍ: إِذا ثبت. و{جعل فيها زوجين اثنين} أي: نوعين. والزوج: الواحد الذي له قرين من جنسه. قال المفسرون: ويعني بالزوجين: الحلو والحامض، والعذب والملح، والأبيض والأسود.
قوله تعالى: {يغشي الليل النهار} قد شرحناه في [الأعراف: 45].


قوله تعالى: {وفي الأرض قِطَعٌ متجاورات} فيها قولان:
أحدهما: أنها الأرض السَّبِخة، والأرض العذبة، تنبت هذه، وهذه إِلى جنبها لا تنبت، هذا قول ابن عباس، وأبي العالية، ومجاهد، والضحاك.
والثاني: أنها القرى المتجاورات، قاله قتادة، وابن قتيبة، وهو يرجع إِلى معنى الأول.
قوله تعالى: {وزرع ونخيل} قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وحفص عن عاصم: {وزرعٌ ونخيلٌ صنوانٌ وغيرُ صنوانٍ} رفعاً في الكُلِّ. وقرأ نافع، وابن عامر، وحمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: {وزرعٍ ونخيلٍ صنوانٍ وغيرِ صنوانٍ} خفضاً في الكُلِّ. قال أبو علي: من رفع، فالمعنى: وفي الأرض قطع متجاورات وجنَّات، وفي الأرض زرع، ومن خفض حمله على الأعناب، فالمعنى: جنَّاتٌ من أعناب، ومن زرع، ومن نخيل.
قوله تعالى: {صنوان وغير صنوان} هذا من صفة النخيل. قال الزجاج: الصنوان: جمع صِنْوٍ وصُنْوٍ، ومعناه: أن يكون الأصل واحداً وفيه النخلتان والثلاثُ والأربع. وكذلك قال المفسرون: الصنوان: النخل المجتمع وأصله واحد، وغير صنوان: المتفرِّق. وقرأ أبو رزين، وأبو عبد الرحمن السُّلَمي، وابن جبير، وقتادة: {صُنوانٌ} بضم الصاد. قال الفراء: لغة أهل الحجاز {صِنوانٍ} بكسر الصاد، وتميم وقيس يضمون الصاد.
قوله تعالى: {تسقى بماء واحد} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو {تسقى} بالتاء، {ونفضِّل} بالنون، وقرأ حمزة، والكسائي {تسقى} بالتاء أيضاً، لكنهما أمالا القاف. وقرأ الحسن {ويفضِّل} بالياء. وقرأ عاصم، وابن عامر {يُسقى} بالياء، {ونفضِّل} بالنون، وكلُّهم كسر الضاد. وروى الحلبي عن عبد الوارث ضمَّ الياء من {يُفضَّل} وفتح الضاد، {بعضُها} برفع الضاد. وقال الفراء: من قرأ {تُسقى} بالتاء ذهب إِلى تأنيث الزرع، والجنَّات، والنخيل، ومن كسر ذهب إِلى النبت، وذلك كلُّه يُسقى بماءٍ واحد، وأُكْلُه مختلف حامِض وحُلو، ففي هذا آية. قال المفسرون: الماء الواحد: ماء المطر، والأُكُل: الثمر، بعضه أكبر من بعض، وبعضه أفضل من بعض، وبعضه حامض وبعضه حلو، إِلى غير ذلك، وفي هذا دليل على بطلان قول الطبائعيين، لأنه لو كان حدوث الثمر على طبع الأرض والهواء، والماء، وجب أن يتفق ما يحدث لاتفاق ما أوجب الحدوث، فلما وقع الاختلاف، دلَّ على مدبِّرٍ قادر، {إِن في ذلك لآياتٍ لقوم يعقلون} أنه لا تجوز العبادة إِلا لمن يقدر على هذا.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8